كتابات الفاتح جبرا

Admin المساهمات : 76 تاريخ التسجيل : 01/08/2008

هذه بعض من كتابات الاستاذ الصحفى الفاتح يوسف جبرا ويمكن زيارة المدونة من هنا
http://www.alfatihgabra.com/

نبداء

جنون كهربائي

عندما دخلت عليه كان فى حالة هياج شديد .. يرتدى فانيلة داخلية فقط وسروال (طويل) .. يبدو عليه علامات الإرهاق وبعض علامات الجنون .. كانت الغرفة شبه مظلمة ودرجة حرارتها كما (الفرن) مولعه نار .. كان يهذى بعبارات غير مفهومة .. ما أن شاهدنى حتى أمسك بتلابيبى قائلاً :

- معقول بس البيحصل ده ؟
- قول بسم الله يا عباس مالك فى شنو؟
- عامل يعنى عرفتنى هسه؟
قلت له وقلبى ينفطر حزنا عليه : كيف يا عباس ياخ ما أعرفك؟ بس كدى إنت حاول روق وأهدأ شويه .. لكنه أجابنى بحدة وهو يشد شعر رأسة : أنا ما عباس .. أنا ما عباس (أنا طيرة ومبارى السيرة) ثم نظر لى مليا نظرة (حارقة) وهو يسألنى : طيرة وشنو؟ فلم أجد مناصاً من أن أكمل له بقية العبارة قائلاً : ومبارى السيرة .. هنا وفجأة أخذ يقوم بحركات راقصة ويعرض وكأنه فى (سيرة حقيقية) حيث أخذ (ينقز) و(يهز) رافعاً يده اليمنى لأعلى كمن يمسك بعصاة ثم ضارباً بقوة على الأرض برجلة .. ثم توقف فجأة وهو ينظر للأفق ويلتفت محركاً راسه يمنة ويسرى كانه يخاطب أحد (الحشود) المليونية فقاطعته قائلاً : يا عباس ياخى الظاهر إنت متوتر شويه .. أجيب ليك كبايت ليمون ؟
- أنا ما عاوز ليمون .. ما عاوز ليمون أنا عاوز كهرباء
- لكن يا عباس يدوك كهرباء ساااكت مش أول تمشى تقابل دكتور نفسى ؟
لم يابه عباس لحديثى فللوهلة الأولى إعتقدت انه يعنى (الكهرباء البيدوها فى الرأس) لمن يعانون من الإضطرابات العصبية لولا أنه توقف مرة أخرى وهو ينظر للأفق و(يكشف) ويلتفت محركاً راسه يمنة ويسرى كانه يخاطب أحد (الحشود) المليونية ثم يصيح باعلى صوته :
- ايها الشعب السودانى (الفضل) سوف يكون العام القادم هو آخر أعوام انقطاع الإمداد الكهربائى وسوف تنعمون بإذن الله بإمداد كهربائى مستقر وتودعون إلى غير رجعه القطوعات المبرمجة وغير المبرمجة ! فقد توقفت الحرب فى الجنوب تلكم الحرب التى كانت تستنزف موارد البلاد كما تم إستخراج البترول وصرنا نصدر منه بنصف مليار دولار شهريا .. !! ثم فجأة توقف عباس عن إلقاء خطابه المتوهم لتلك الحشود و أخذ يقوم بحركات راقصة ويعرض و(ينقز) و(يهز) رافعاً يده اليمنى لأعلى كمن يمسك بعصاة ثم ضارباً بقوة على الأرض برجلة ثم وفجأة أخرى عباس ينتحب وإنخرط فى موجة بكاء حار وقد إمتلأت (الفانيلة الداخلية) التى كان يرتديها بالعرق فقام بخلعها و(مصرها) وهو ينتحب بصورة جعلتنى أخاطبه فى شفقة ورثاء :
- ما معقول يا عباس البتسويهو فى نفسك ده ياخى ، خلينى اجيب ليك موية غسل وشك ده وروق شويه ملعون أبو الكهرباء على أبو القطوعات ذاتا !
إلتفت نحوى قائلاً فى أسى : بالله أنا مش طيرة ومبارى السيرة ؟ كل سنة أنا أصدق كلام المسئولين و(مكاوى) مدير الكهرباء يطلع ليا فى التلفزيون يقول ليا السنة الجايه (قطوعات) مافى؟ ويجيك مسئول تانى يقول ليك نصدر بترول ويجيك واحد تانى يقول ليك (معدل النمو) والشنو ما بعرف شنو داك ؟ والسخانة طلعت عين الخلفونا وكل سنة نحنا فى العذاب ده ؟
- معليش يا عباس ما تشيل هم الأمور ح تتصلح … والسنة دى ح تكون آخر سنه فيها قطوعات كهرباء بإذن الله
ما أن سمع عباس عبارة (السنة دى آخر سنة فيها قطوعات) حتى أرغى وأزبد وهاج وماج وأخذ يخاطبنى رافعاً سبابته متوعداً
- إنت أوعك تقول كده .. أوعك تقول كده
- ليه يا عباس ياخى؟
- عشان (مكاوى) بس اليقول كده !
هنا دخلت زوجتى عليا فى الغرفة وصرخت .. (قطعان الكهرباء) ده طلع ليك فى راسك ؟ إنت شنو واقف مطلع (فنيلتك) وواقف قدام المرايه؟ (سجم أمى) وكمان بتكلم روحك !!